كتبت هيئة التحرير في صحيفة الجارديان أن الهدوء الذي أعقب توقف القتال في غزة منح الناس شعورًا هائلًا بالارتياح. في إسرائيل، أشعل الإفراج عن الأسرى الأحياء موجة من الفرح العارم، وفي غزة والضفة الغربية احتفل الفلسطينيون أيضًا بخروج نحو ألفي معتقل فلسطيني، رغم القلق السائد بشأن هوية المفرَج عنهم والجهات التي سيُعادون إليها. في شمال غزة، عاد الناس لينبشوا بين الركام بحثًا عن بقايا نحو عشرة آلاف مفقود.
ذكرت الجارديان أن وقف إطلاق النار بدا مستبعدًا قبل ثلاثة أسابيع فقط، لكنه أصبح واقعًا، فيما انتقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القدس، حيث لقي استقبالًا حافلًا في الكنيست، إلى شرم الشيخ في مصر، لينضم إلى قمة سلام كبرى شارك فيها أكثر من عشرين زعيمًا عالميًا، من بينهم كير ستارمر. يواصل قادة العالم النقاش حول خطة السلام في مؤتمر لاحق يُعقد في المملكة المتحدة. وترى الصحيفة أن ترامب، بالتحالف مع شركائه الدوليين، أنجز هذه الصفقة رغم اعتراض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر مما أنجزها بفضله.
تقول هيئة التحرير إن الآمال بأن يشكل الاتفاق خطوة أولى نحو الدولة الفلسطينية مشروعة لكنها مفرطة في التفاؤل، إذ لا يقدم الاتفاق أي مسار واضح نحو السيادة الفلسطينية، بل يهدد بتعميق الانقسام بين غزة والضفة الغربية لسنوات مقبلة. وتضيف أن حجم الدمار في القطاع يجعل حديث ترامب عن "فجر تاريخي" و"عصر ذهبي" مجرد خطابة فارغة، لأن خطته تخلو من أي جدول زمني لتقرير المصير الفلسطيني.
في خطابه داخل الكنيست، أعاد ترامب صياغة الحدث كأنه مسرح أخلاقي بطله الوحيد، متحدثًا عن نفسه كمخلّصٍ أعاد لإسرائيل شرفها بعد "خيانة" إدارات أوباما وبايدن، رغم أن إدارة بايدن حاولت قبل عامٍ فقط التوصل إلى اتفاق مشابه يجمع بين وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية ومفاوضات سياسية لاحقة.
ترى الجارديان أن أي خطة تنزع من طرفٍ ما حقه في الوكالة السياسية لا يمكن أن تفضي إلى سلام حقيقي. لا شك أن الهدنة وشاحنات المساعدات مرحبٌ بهما، لكنهما لا يمثلان تقدمًا سياسيًا بعد. فغياب آليات تضمن مشاركة الفلسطينيين في إدارة شؤونهم يحوّل ما يُسمّى بالسلام إلى غطاءٍ لتكريس الخضوع.
يحتاج سكان غزة الآن إلى الغذاء والدواء بشكل عاجل، لكن إعادة الإعمار لا يمكن تأجيلها. وسط ستين مليون طن من الركام، يحتاج الفلسطينيون إلى دعمٍ لبناء منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم. إلا أن خطة ترامب ما تزال ضبابية، إذ تبدو الإشارات إلى "قوة استقرار دولية" و"مجلس سلام" بمشاركة توني بلير غير محددة المعالم ولا ضمانات لفعاليتها.
وتدعي الصحيفة أن دعمًا دوليًا قويًا للسلطة الفلسطينية كي تتولى إدارة القطاع بدلًا من حماس هو الخيار الأكثر واقعية. فبعد عامين من المعاناة المروعة، باتت الضرورة الأخلاقية لإنهاء الصراع أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. ومع أن الهدنة، وعودة الأسرى، وتعهد حماس بـ"نزع السلاح" تعدّ خطوات إيجابية، إلا أن سجل ترامب لا يوحي بأنه سينجز ما وعد به، أو أنه ملتزم بالمحاولة أصلًا.
تختم الجارديان بأن ما تحقق اليوم لا يمثل أكثر من راحة مؤقتة بعد حربٍ مدمرة. أما السلام الحقيقي، المرتبط بقيام دولة فلسطينية مستقلة، فما زال بعيدًا عن الأفق الذي يتحدث عنه ترامب.
https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/oct/13/the-guardian-view-on-peace-in-gaza-the-relief-is-real-but-trumps-promise-of-a-golden-age-rings-hollow